١٢ أيلول ٢٠٢٣

دوران كالكان: الثورة الفكرية نضال عظيم

 

الفكر والضمير هو التجسيد الذاتي بشكل ملموس في التنظيم والعمليات، ولا توجد أداة لقياس دماغ فكر الناس، المكان الذي يوجد فيه الفكر والضمير يكون الأسلوب مقياساً له في التطبيق والتنفيذ.

إن جهد القائد “آبو” ونضاله والتزامه على مدى 50 عاماً يمكن أن يتحول إلى ثورة عارمة في الظروف الحالية، وهناك فرص لذلك، وهكذا ينبغي تقييم الظروف الحالية، وليس هناك نقص في تنفيذ الخطوات الثورية، ولكي تتحول هذه الظروف إلى ثورة، هناك استعداد جيد لذلك، وهناك أيضاً مستوى من التحليل النظري الواسع والعميق، ووضع أيديولوجي وفلسفي، ومعرفة فكرية قوية، وإذا أظهر وأفسح هذا الفهم والمعرفة الطريق أمام النضال التحرري لجميع المضطهدين حينها تكون قد أنتصرت وحققت أهدافها.

نمتلك العديد من الدروس العملية التي تم الحصول عليها عبر ميادين المقاومة والحرب العسكرية ومن كافة ميادين النضال، وقد تحققت الكثير من التجارب العملية في كافة مجالات الحياة الاجتماعية كالتجارب الإعلامية والنضالية والتنظيمية والسياسية والثقافية والاجتماعية والفنية، هناك العديد من القيم الأساسية التي تم خلقُها في النضال وهي قادرة الأن على إنارة الطريق للمجتمع، لدينا حقيقة عظيمة وجيش من الشهداء مع القائد “آبو”، لقد أختار الشعب الحياة الديمقراطية الحرة حتى الموت معه ويخوضون هذا النضال برغبة واندفاعٍ كبير، تنظيمنا يمتلك قوة جدية كقوة المقاتلين والقيادة والكوادر المدربة جيداً، واتخذ الشبيية في هذا الموقف القتال بشجاعة وتضحية كبيرة، فالعالم اليوم يحمي نفسه بشجاعة وتضحية الشباب الكردي.

الشروط المناسبة والتحضير الجيد طيلة السنوات السابقة يكمل كل منهما الآخر، وعندما يتم تقييمه من الناحية النظرية والفكرية، فإن نتيجة كل هذا بطبيعة الحال هي ثورة كبيرة جداً، وإمكانية الثورة والوعي والتنظيم وتوحيد للخبرات أيضاً كبيرة جداً. هناك شرطان لتحول الأوضاع الحالية إلى ثورة ولحل مشاكل المجتمع.

الاول؛ يجب عليك حل المشكلة بداخلك أي في شخصيتك، والحزب وكوادره يخلقون حلاً مُرضياً في شخصيتهم.

ثانية؛ يجب عليك أن تناضل وأن تقوم بعمل فعال ومنظم لإيصال نتائجه إلى المجتمع، إذا تم ذلك، سيتم حل المشاكل الاجتماعية.

كيفية حل المشكلة في الشخصية؟ والمشكلة تكمن هنا, إن طرق ووسائل الوصول إلى الحل للمجتمع أمر مختلف، وهو معروف ويسمى بالعمل الثوري والعملي، وهناك جوانب عديدة لذلك، مثل الأيديولوجية والتنظيمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وينبغي أن يكون هناك عمل مخطط له في تلك المجالات، ولكن كيف سنعمل في المجتمع، وما الذي ينيغي أن نعمل من أجله؟ إلى أين سنقود بقيادتنا المجتمع؟ إن المكان الملموس الذي سنوصل إليه المجتمع هو الحل الأمثل، والتي تمكن حلها داخل الحزب ذاته، ولذلك قال القائد “آبو”: «الحزب هو النموذج الأولي للثورة».

الحزب هو المكان الذي يتم فيه حل المشكلات الاجتماعية مثل المختبر، وتصل من خلاله النتائج إلى المجتمع، إذا لم يمثل الحزب والكوادر الحل، وإن لم تكتمل التجربة في المختبر بنجاح ولم تصل نتائجها إلى المجتمع، فلن يتحقق شيء من الناحية التنفذية والعملية، وبقدر ما يكمن الحل في شخصية الكوادر والحزب، يمكن للمجتمع أن ينضم إلى الثورة، ويمكن أن يتم التغيير.

في ذلك الوقت، لا يمكن القول أنه “إنْ حصل قد تحصل وإنْ لم تحصل لن تحصل”. على سبيل المثال، تقول الدولة التركية المحتلة وحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الفاشية (AKP-MHP): “سوف ننهي، بغض النظر عما سنفعله، سوف نحصل على نتيجة إنهاء هذه العملية”، هناك قوة معادية تحاول القضاء على فرص هذه العملية، وفي هذا السياق يستخدم كل الوسائل والأساليب وكافة أدواتها في تنفيذ هجماتها الوحشية، لقد حشد الاحتلال قوته بالكامل ويمنح كافة إمكانياته في سبيل إنهاء ذلك العملية التي بدأنا بها، عندما نطّلع على كلمات طيب أردوغان لعدة أشهر من الآن حينها سندرك حقيقة ما بقوم به أردوغان.

وفي هذا الشأن، زالتْ سرية حزب العدالة والتنمية (AKP)، وسقط القناع على وجهه، ويمكن الآن رؤية وجه حزب العدالة والتنمية (AKP) بكل وضوح، وقد تم ذلك بنضال شاق لا هوادة فيه، ربما كانت هذه أصعب مهمة في العالم، ومن خلال منح المجال للحركة الإسلامية، أرادوا مواصلة المؤامرة الدولية، وإنجاح نظام الإنكار والتدمير الذي يتبعونه في شكل مؤامرة دولية.

تقود فاشية حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية (AKP-MHP) المنظمات الرجعية في الشرق الأوسط، وجميعها مملوكة لحزب العدالة والتنمية، أو بعد فترة تصبح تحت تأثير حزب العدالة والتنمية.

بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا، اكتسبت هذه المنظمات القوة والفرص على المستوى الإقليمي، ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، أجروا أول تجربة مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان من خلال مشروع الجيل الأخضر، ونتيجة لهذه التجربة تبين أن هذا المشروع يحقق نتائج في بعض المستويات، وبعد ذلك وبطريقة أكثر شمولية، تم افتتاح هذا المجال لحزب العدالة والتنمية في تركيا، وأعيد تنظيم حزب العدالة والتنمية مع القضاء على الموجة الإسلامية والقضاء على جوهرها الطبيعي وتزييفها، تم تسليم الدولة التركية والمجتمع إلى هذه القوة، وفي الشرق الأوسط، تم افتتاح المجال لهم ببناء تنظيمهم، هذه ليست حالة غير مفهومة، ولا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه أفكار سطحية كما نشروها في المجتمع، ومثل هذه الهجمات تدمر الدماغ والتفكير وتضعفه، ولذلك عرّف القائد آبو “القصف الإعلامي”. لقد مارسوا القصف الإعلامي من أجل تدمير المجتمع وجعل المجتمع فاقداً للوعي، في الواقع، ما يبقي نظام الاستبدادي الحالي في مكانه، هو عدم مجابهة المجتمع لتلك الهجمات، وكما يضغط النظام على المجتمع بأساليب قاسية، كما أنها تمارس أشد أنواع القمع والعنف في التاريخ، و في الوقت نفسه تفعل ذلك بطريقة دقيقة ومدروسة للغاية، فالحرب الخاصة والضغط والعنف هي من أحد أساليبه المدروسة والمتبعة، فالاحتلال يسمم ويقتل الأحياء دون أن يشعر أحداً بذلك، وهو يشبه في ظاهره الشراب، لكن شربه سام، ويتم أرتكاب المجازر من قبل الدولة القومية على هذا الأساس.

إن طرق ووسائل القوة ضدنا واضحة، لا ينبغي لنا أن نجعل هذه قضية غامضة بالنسبة لنا، ولذلك لا ينبغي لنا أن ننظر إلى الوضع على أنه طبيعي ونقول “يمكن العيش بهذه الطريقة”، لا توجد أي حياة بهذا الشكل، بل يوجد أسلوب قتل وحشي ممنهج، وهذا هو المستوى الذي وصلت إليه الحداثة الرأسمالية بالحرب الخاصة، وعلى الرغم من أن العبودية أصبحت أكثر شدة من أي وقت مضى، إلا أنها تتم بأساليب مختلفة كتوهّم الشخص المستعبد بأنه تحرر وله إرادة وحرية الرأي والتعبير والمشاركة في كل شيء إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماماً وهي بأن الرأسمالية قضتْ على جوهره الداخلي.

يجب أن نعلم علم اليقين بأننا في مواجة مثل هذا الهجوم، وفي هذه الحالة من المهم تقييم هذه الخصائص.

الاول؛ إلى أي مدى نرى ونقبل الظروف الحالية كظروف مناسبة للثورة؟ الفرص التي أتاحتها لنا الثورة في هذه المرحلة، وما مدى وعينا بالمخاطر المتربصة بنا وبشعبنا؟ أم أننا نرى الحاضر ليس كتهديد، بل كأداة وشرط لاستمرار الحياة الشخصية؟

ثانية؛ إذا كنا نرى ذلك، إلى أي حد نعتبر أنفسنا مسؤولين في بناء مجتمع ديمقراطي واجتماعي وحر؟

الثالث؛ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تكمن محاولاتنا للوفاء بهذه المسؤولية عملياً؟ وكم عدد المشاركين في التدريب والتنظيم والعمليات؟ وما مدى قوة وضع إمكاناتنا وطاقتنا موضع التنفيذ بطريقة منظمة؟ من المهم أن تفكر بعمق في هذا الموقف الذي قمنا بصياغته بثلاثة جوانب، وكما ينبغي أن تنتقل بشخصيتك من حالة التردد واللاحل إلى حالة معالجة المشاكل وصياغة الحل الأمثل لها.

حسناً، كيف يمكننا تحقيق عقلية مُرضية ذو سعة تفكرية عميقة؟ ولهذا يجب علينا أولاً أن نمييز وندرك الفرق بين تفكيرنا وتفكر القائد “آبو”، ومن خلال البحث والتفكير العميق يمكن إزالة هذا الالتباس.

الثورة العقلية والفكرية هي من أعظم وأنبل النضالات، سواء كان ذلك نقلة نوعية أم لا، فإن الأمر له علاقة بالتفكير، فبدلاً من النموذج الذي يعيق عقليتنا، سنجعل نموذج القائد نموذجاً خاصاً بنا، وكما تعتبر النماذج تحدداً للمهام الرئيسية، ويتم تعريفها في القواميس على أنها سلسلة من القيم، ويحدد النموذج بداية ونهاية الشيء المراد فعله، فهو يحدد بوضوح معايير الرفض والقبول، والصواب والخطأ، والخير والشر، وكما يبرز فرق وأخطاء التفكير بحسب المعايير الرامية إليها.

ومن أجل حل هذه المشاكل، لا ينبغي للمرء أن يتوقف عن التفكير، والتجريبية في الفلسفة تعني أنها تقدر ما تراه، لكنها لا تسأل، فهي تبدي منهجاً خفيفاً، لحل هذه المشكلة، يجب على الانسان أن يفكر ويبحث ويتقبل عقلية القائد ويتخلص من العقلية التي تتعارض معه، وما نسميه بالثورة العقلية والفكرية يمكن أن يحدث بهذه الطريقة.

الجانب الثاني هو مسألة “المسؤولية”، هناك فرص ويقابله الخطر أيضاً، لكن هل نعطي لأنفسنا دوراً في هذه الفرص وأمام تلك التهديدات؟ إن كنا على دراية، فالبقاء بجانبها لا يكفي، فهل نقول إنني لا أهتم بقيادة هذا العمل؟ وبطبيعة الحال، نحن لسنا هؤلاء الأشخاص الذين يتجاهلون المشاكل الاجتماعية ويتابعون حياتهم الشخصية، بلا شك هناك أيضاً أشخاص يولون أهتمامهم فقط لمسألهم الشخصية، بالنسبة لنا الأمور تختلف نحن عكسهم تماماً فنحن نحمل على عاتقنا المسؤولية، ولكن من المهم أن ندرك ما هو المستوى المطلوب للمسؤولية، وهذا ما يسمى عندنا بالضمير الحي.

عندما ننقل هذا الموقف إلى مجال المناقشة، يتم إنشاء تعريف لفهمنا، وبدلا من الانضباط، نسميه الوعي، وهذا أيضاً شعور بالمسؤولية والضمير، وهنا إذا قام الفدائي بما هو ضروري دون انتظار أمر أحد، فهو يعتبر نفسه مسؤولاً عن وعيه، فإذا استغل الفرص يكون قد أزال به الأخطار، أي يعتبر نفسه مسؤولاً دون الاعتماد على أي شخص ومكان وعلى هذا الأساس يبدأ بالعمل، وبهذا يكون قد اكتسب وعيه الخاص.

وشخصية مظلوم دوغان هي المثال الحي على هذه المسألة، ولهذا السبب قال القائد آبو: “الحزب هو مظلوم”، وكانت المقاومة في السجن تجري بهذه الطريقة دون تلقي أوامره من أحد. مظلوم دوغان، الذي قام بتقييم كل هذا، فعل ذلك بهذه الطريقة ويعني الوعي الذاتي والالتزام بالهدف، كما أن الوعي لديه كان بمعنى الانضمام بإيمان عظيم على أساس الولاء لهدف خط القائد.

أما الجانب الثالث فهو مسألة إظهار قوة وإرادة العمل والتنظيم الذي لا يحدث من تلقاء نفسه وكما تتجلى التفكير الذهني والضمير في الأنشطة والتنظيم، الفكر والضمير هو التجسيد الذاتي بشكل ملموس في التنظيم والعمليات ولا توجد أداة لقياس دماغ فكر الناس، المكان الذي توجد فيه الفكر والوجدان تكون الأسلوب مقياساً له في التطبيق والتنفيذ.