المقابلات

١٣ اكتوبر ٢٠٢٣

خبات آندوك: على إسرائيل أن تقبل بأن هناك وجوداً للفلسطينيين

الجزء الثاني من مقابلة عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني خبات آندوك على موقعنا kck-info يتحدث عن تأثير سياسات القوى الإقليمية على المنطقة وتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية.

تكملة المقابلة:

ما هو تأثير سياسات القوى الإقليمية مثل إيران والسعودية ومصر على المنطقة؟

هذه المنطقة تستطيع أن تحتوي الجميع. وهي المنطقة التي انبعثت منها الحضارة الإنسانية . هذه المنطقة منذ 15000 ألف سنة تقود الإنسانية، في حال أخرجنا منها المئة سنة الأخيرة التي تطور فيها الغرب و أوروبا. قبل ذلك كانت قيادة العالم في الشرق الأوسط. كما قلت في بداية حديثي، الآن و لأسباب متنوعة تتجه أنظار العالم أجمع إلى هذه المنطقة. الحرب العالمية الثالثة تحدُث على هذه اﻷرض و القوى المهيمنة جميعها تحاول التوجه إلى الشرق الأوسط، نظرا ﻷهميته الكبيرة. ﻷجل ذلك، ماهي أدوار القوى الإقليمية التي ذكرتموها مثل (إيران , مصر والسعودية) في المنطقة؟ بسبب تشعب القوى و ارتباطاتها المختلفة ببعض وهناك الكثير من الأمور المخبأة تحت الستار, لا تستطيع أي قوة التأثير بشكل مباشر على المنطقة. الآن القوى الإقليمية ليس لها دور كبير. فحتى الآن في مناطق الشرق الأوسط ليس للمجتمع تأثير كبير لأنه سابقا تم تقسيم المجتمع ليفقد قوة التأثير. الدولة الإقليمية ذات التأثير الأكبر هي إيران بعد ذلك تأتي تركيا وبعدها مصر و السعودية. مهما كانت لها دور في الشرق الأوسط فإن تأثيرها مرتبط بالقوى الدولية. لإنه وحتى الآن القوى المسيطرة في الشرق الأوسط هي القوى العالمية الكبرى. مثل أمريكا، إنكلترا، روسيا، إسرائيل هذه القوى تأثر على المنطقة بواسطة القوى المتحالفة معها على الأرض فلذلك لا يمكن لنا أن نذكر وجود قوة إقليمية لها الفاعلية المطلقة على المنطق.

الشروط والظروف هي للحرب العالمية الثالثة وبدون شك لن يبقى شيء كما هو سوف تتغير الأمور. إذا قارننا الوقت الحالي بما سبق فسوف نلاحظ بان التأثير الأمريكي اصبح ضعيفاً جداً. لم تعد القوى تستجيب ل متطلبات الدولة الأمريكية كما في السابق، نلاحظ أيضا ظهور القوة الصينية . الروس منذ مئات السنين كانوا يحاولون التوجه إلى هذه المناطق ولكن بعد بداية ثورات الربيع العربي في سنة 2011 وجدت الفرصة للتوجه إليها ولها تأثير معين على الشرق الأوسط. عملت الصين على التنسيق بين السعودية و إيران، هذه العلاقات في المستقبل ستتوضح نتائجها لان في هذه العلاقات كانت هنالك أهداف صينية وأهداف أمريكية، فتضاربت الأهداف ولم تتوصل إلى أي اتفاق. الدولة الأمريكية تريد من السعودية أن تكون قوة مواجهة ل إيران وعلى هذه الأساس كانت تبني تحالفات عربية وكانت للسعودية بالإضافة إلى مصر دور قيادي في العالم العربي. لهذا أريد أن أقول إن القواعد التي تضعها أمريكا للعرب و إيران و أيضاً القواعد التي تضعها الصين لإيران و العرب مختلفة عن بعض. لذلك، هذه الأسباب جميعاً تجعل هذه القوة في اتصال وتناقض بنفس الوقت ولكن كل قوة من هذه القوى تتحرك بحسب مصالحها. مثل ماهو واضح بإن السعودية ومصر هما من الدول التي لها تأثير قيادي في العالم العربي . فالسعودية معروفة بالطابع الديني بالإضافة إلى قوة اقتصادها والدول تأخذ هذا الشيء بعين الاعتبار. ولكنها دولة رجعية من ناحية الذهنية و الحياة الاجتماعية، فهي لا تستطيع تقديم شيء للمجتمع. لذلك إن مستوى تأثيرها مرتبط بعلاقاتها مع الصين و أمريكا بالإضافة إلى قوة اقتصادها ولكنها لا تستطيع التأثير على الشرق الأوسط من الناحية الذهنية و الاجتماعية. مصر تعتبر دولة تاريخية ولكنها الآن مبتعدة كثيرا عن تاريخها، وهي أيضا تملك علاقات قوية مع القوى الرأسمالية وهي أيضا مقارنة بالسابق فقدت الكثير من الأشياء، ولكن بالرغم من ذالك ما زالت تملك قوة قيادية في العالم العربي. كما تعلمون الآن جزء كبير من الدولة السورية اصبح تحت الاحتلال التركي، مثلا ما هو موقف مصر من ذالك؟ هل سوف تقوي علاقتها مع تركيا ضمن إطار البحر الأبيض المتوسط أم ماذا؟

لان هذه القِوى تتخذ المصالح مبدأً للعلاقات وتتجاهل القيم الإنسانية و المجتمعية لدرجة إنه يمكن أن يقول عن شيء ما بأنه ابيض اللون اليوم و غدا يقولون عنه بأنه اسود اللون، فذلك يتغير بحسب المصلحة و لا يمكن لاحد متابعتهم أو الاعتماد عليهم على مبدأ القيم الإنسانية و المجتمعية.

الوضع الإيراني مختلف بعض الشيء، هي أيضاً تعاني من المشاكل الداخلية بالإضافة إلى كونها من الدول القديمة التاريخية، المجتمع فيها متنوع و اقتصادها قوي و متنوع، ولكن مع اﻷسف القيادة الحالية منغلقة جداً للديمقراطية. مثلما لاحظتم في انتفاضة jin – jiyan Azadî هنالك ظلم واضح على المجتمع بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص. الوضع في إيران بحاجة إلى التغيير،فالدولة منغلقة أمام متطلبات المجتمع ولذلك فإن المجتمع يبدأ بالانتفاضات و التحركات التحررية لكي يرد على الظلم. هذا الوضع يعرض إيران للتدخلات الخارجية، فهنالك تدخل إسرائيلي بالإضافة إلى تدخل القوى الرأسمالية. مقابل ذلك تسعى إيران لبناء نظاماً مختلفاً تحاول من خلاله أن تثبت نفسها وكأنها المسؤولة عن المسلمين الشيعة في العالم. لهذه الأسباب تعاني إيران من مشاكل وجودية ولكن تأثيرها اكبر من تأثير مصر و السعودية على منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص عندما تدعم بعض المذاهب فهي تلعب دورا كبيرا ولها تأثير كبير على العالم العربي. إنها تحارب خارج أرضها في جميع مناطق الشرق الأوسط .

باعتبار علاقتها بالغرب سيئة فهي تبني علاقات مع روسيا والصين. ولكي تخفف من الحصار المفروض عليها تواصلت مع الصين ومن خلالها بنت العلاقات مع السعودية و من المحتمل في المستقبل أن تبني علاقات مع معظم الدول العربية. ولها موقف واضح و معادي للدول الغربية بالإضافة إلى إسرائيل.

إن الوضع السياسي الحالي في العالم يجعلك تقوم بتكوين علاقات جيدة مع المحيطين بك وبنفس الوقت تكون بينك وبينهم اضطرابات و مواجهات، أو عليك الانضمام إلى احد الجبهات، أو تكون في جبهتين مختلفتين و تتحرك بحسب مصالحك. هذا الأمر يشمل الجميع بما فيهم السعودية، مصر، إيران وبالإضافة إلى تركيا. في الأساس الدولة المستفيدة بشكل جيد من هذه التناقضات السياسية هي تركيا، فهي استراتيجياً تعتبر من أعضاء الناتو وبالمقابل علاقاتها وتعاملها مع روسيا يعارض استراتيجية الناتو. طبعاً هذه السياسة لا تشمل تركيا وحدها فمع مرور الوقت هذه السياسة تصبح متاحة للجميع.

بالنهاية إذا أردنا أن نلخص كل شيء، نستطيع القول إنها قوى حاكمة تحاول البقاء و الاستمرار في الحكم. هذا هو شكل الحكم في الشرق الأوسط هنالك استبداد قاسي جداً، و بالمقابل كل المجتمعات تسعى للحصول على الحرية و المساواة و العدالة. لهذا السبب ومن اجل مناهضة الاستبداد فإن هذه المجتمعات في تحرك ونضال دائم. لا يمكن التوصل إلى السلم و الهدوء في الشرق الأوسط إلى من خلال تلبية متطلبات المجتمع من خلال انتصار المنظمات المجتمعية، ماعدا ذلك ستبقى الصراعات في الشرق الأوسط مستمرة.

ما التأثير الذي سيحدثه تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية في المنطقة؟

صحيح أن بعض العلاقات العربية أقيمت مع إسرائيل، لكن هل هذا أمر جديد؟ ألم يكن لديهم علاقات من قبل؟ لكن على الأرجح كانت لديهم علاقات، لأنه كما قلنا سابقاً، الدول العربية ليس لديها إرادة كبيرة، فهي دول تم صنعها من قبِل بعض الجهات. أي أن إسرائيل قوة مهيمنة في الشرق الأوسط حتى على مستوى أمريكا وإنجلترا والعالم أجمع، ولها دور في تشكيل الحداثة الرأسمالية، وكما قلنا النظام يمشي وفق الحداثة الرأسمالية. إنهم يُظهرون وكأن الدول العربية كانت حتى الآن ضد إسرائيل وكانت دائما تحاربها والآن كما لو أن شيئاً جديداً قد حدث وأنهم بدأوا ببناء علاقاتهم، لكن لا يوجد شيء من هذا القبيل، المسألة هي الآن أصبحت العلاقات بينهما علنية أكثر. يأتون ويذهبون عبر المطارات ويطورون علاقاتهم التجارية والسياسية إلى حد ما.

لفترة طويلة وحتى الآن، هناك نقاشات حول الناتو العربي. ولكن إسرائيل هي التي تقف خلفه، صحيح إن إسرائيل ليست عضوا فيه، لكن الجميع يعلم أن هذا الناتو تم بناؤهُ بقيادة أمريكا وإسرائيل وهو مبني على أهدافهما، خاصة إنه ضد إيران. كل هذه الأمور تُظهر أن علاقات إسرائيل مع العالم العربي قوية . في الماضي، كانوا يتصارعون أحيانًا، لكن ذلك لم يَدُم طويلاً، وكانت لديهم دائماً علاقات. لكن ما كانوا يتجادلون فيه دائماً هو القضية الفلسطينية، لقد استخدم الجانبان قضية فلسطين لصالحهما ففي نهاية المطاف، جعلت إسرائيل من ذلك المكان بلداً لها واستقرت فيه، واستثمرت فيه الدول العربية أيضاً. ولحل هذه القضية فإن الدول العربية لم تقدم أي مساعدة بالشكل المطلوب ولم تقدمها حتى الآن بل هي فقط تستغل وتعطي الآمال للفلسطينيين. وأحيانا يقدمون بعض الدعم فقط من أجل استمرار وجودهم وقبولهم بين العرب.

الآن العلاقات بين العرب وإسرائيل ستتحدد على أساس القضية الفلسطينية. في الواقع هناك حل لها، لأن هذه المشكلة في الأساس لا يتم حلها لأن عقلية الطرفين خاطئة. خاصة وأن العقلية الإسرائيلية ليست صحيحة. وعلى إسرائيل أن تقبل بأن هناك وجوداً للفلسطينيين وأن لها حقوق، فكما ترى الحق لنفسه يجب أن تعترف إن لهم الحق أيضاً. ولهذا نقول دائما علاقات حرة ومتساوية، السلام يأتي من هنا، من يريد أن يعيش بسلام ولا يجبر على القتل ولا يُقتل، فيجب أن تكون هناك حياة متساوية وحرة. هل العلاقات الإسرائيلية على هذا النحو؟ بالطبع لا، ولها توجهات صهيونية وعنصرية وقومية. وهذا ما يجعل مشكلة فلسطين وإسرائيل موجودة دائماً. والمواقف المعادية للسامية خاطئة أيضاً. أي أنه بقدر ما يحق للشعب الفلسطيني في الشرق الأوسط أن يعيش على أرض فلسطين، فإن لليهود أيضاً حق العيش فيها. ولليهود أيضاً الحق في العيش فيها، لأن أرضهم قديمة وهم أيضاً أصحاب هذه الأماكن. ولهذا السبب، الصحيح هو أنه لا ينبغي أن يكون هناك عداوة وتنافس واقتتال بينهم، هناك أرض وعليهم أن يحاولوا العيش على هذه الأرض باستقلالهم وهويتهم. لذلك، لا الصهيونية صحيحة ولا معاداة السامية صحيحة، والأصح هي عقلية الأمة الديمقراطية كما تحدثنا عنها في الأعلى. أي أن نقبل بعضنا البعض ونحترم بعضنا البعض والعيش معاً.

وفي سياق العلاقات المستقلة أيضاً، تستطيع الكونفدرالية الديمقراطية الآن أن تحل المشاكل بين العرب وإسرائيل من الجذر. وليس ذلك فحسب، بل يمكنها حل جميع المشاكل في الشرق الأوسط والمشكلة الكردية أيضاً من بينها. وهذه العقلية وهذا النظام صالح للإنسانية جمعاء ولجميع أجزاء المجتمع. مثال: يمكن لهذا النظام أن يقوم بوضع الحلول للعلاقة بين الرجل والمرأة، لأنه لا ينبغي لأحد أن يحكم الآخر. فعندما يريد أحد أن يكون هو المسيطر والسلطة، ستكون هناك ردود فعل ضده. ولهذا يجب أن يكون هناك موقف ضد الاستبداد ويجب أن يكون هناك نضال ضد الهيمنة والقمع. ويجب أن تكون العلاقات أيضًا في إطار العلاقات الحرة والمتساوية. أيديولوجيتها هي الأمة الديمقراطية ونظامها هو نظام الكونفدرالية الديمقراطية. إذا كان الأمر كذلك، فإن مشكلة العرب وإسرائيل سوف تُحل. ليست الدولة هي التي ستقود هذا الأمر، بل القوى الاجتماعية والقوى الاشتراكية والمجتمع نفسه. إذا لم يتم ذلك، سيتم استغلال كل مجتمع من قبل القوى الحاكمة والسلطة. كما استغلوا مشكلة فلسطين وإسرائيل حتى اليوم. أي أن علاقاتهم هي علاقات متبادلة المنفعة وقصيرة الأمد وغير أخلاقية وخالية من المعايير. والآن بدأوا بإقامة علاقة واضحة إلى حد ما، ولكن كما قلنا، إذا لم تتم في إطار الأمة الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية، أو حتى لا تقبل الأطراف الحالية بعضها البعض ولا تعطي بعضها البعض حق الحياة؛ ستستمر هذه المشكلة وستستمر الفوضى في الشرق الأوسط وبين إسرائيل والعرب.