١٠ أكتوبر ٢٠٢٣
بسي هوزات: أصبحت مقاومة القائد أوجلان خلال 25 عاماً مقاومة اجتماعية وعالمية
صرحت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، بسي هوزات، أن سياسة العزلة تدفع بتركيا إلى الانهيار، وقالت: “لقد حققت الشعوب والنساء النجاح في نهاية 25 عاماً، وتعزز النضال التحرري، وأصبح عالمياً، وفُضحت الدولة التركية والقوى المتآمرة”.
صرحت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، بسي هوزات، أنه ينبغي على المرء اعتبار كل تعامل ضد القائد عبدالله أوجلان مثل تعامل ضد الشعب الكردي والقضية الكردية، وقالت بهذا الصدد: “إن الحرب التي تُنفذ في إمرالي، هي نتاج السياسة العميقة والمتعددة الأطراف، ولكي تحقق الدولة التركية هدف خططتها القائمة على الإبادة الجماعية بحق الكرد، قامت بإلغاء قانون الدولة الخاص بها، وأقدمت على عسكرة شريحة مهمة من مجتمع تركيا وسممته ومزقته بالنزعة العنصرية”.
وأجابت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، بسي هوزات، في الذكرى السنوية للمؤامرة الدولية على أسئلة وكالة فرات للأنباء (ANF):
ما هو الهدف من العزلة التي ارتقت إلى مستوى التعذيب الممنهج في سجن إمرالي والتي تُنفذ ضد القائد أوجلان وما الذي يجري القيام به؟
إن سياسة العزلة هي استمرار للمؤامرة الدولية بأسلوب مختلف والإصرار على سياسة الإبادة الجماعية بحق الكرد، وتتواصل المؤامرة الدولية منذ 25 عاماً في سياق سياسة العزلة، وعلى الرغم من إحباط مؤامرة 9 تشرين الأول 1998 الدولية من خلال بناء الأمة الديمقراطية والنظام الكونفدرالي الديمقراطي للقائد أوجلان والمقاومة الاجتماعية على هذا الخط، إلا أن القوى المتآمرة والدولة التركية ما زالت مصرة على المضي قدماً في تنفيذ سياسة التصفية، فالهدف هو، استسلام القائد أوجلان، والحركة التحررية الكردية والشعب الكردي المقاوم، وإذا ما فشلوا في الاستسلام، فإن الهدف هو تقييد تأثير القائد والحركة والشعب عبر سياسة متعددة الأطراف قائمة على ممارسة الضغط والعنف والعزلة، وتحقيق النتيجة المنشودة من خلال حرب إبادة جماعية شاملة، كما أن سياسة الإبادة الجماعية بحق الكرد، التي يتم تنفيذ مركزها في إمرالي، ليست مستقلة عن القوى الدولية المتآمرة، حيث أن نظام الهيمنة الرأسمالي وشرطته في الشرق الأوسط، ونظراً لعدم تمكن الدولة التركية من دفع القائد أوجلان نحو الاستسلام، يرتكب جرائم ضد الإنسانية عبر سياسة التعذيب-العزلة منذ خمسة وعشرين عاماً، وإن نظام التعذيب-العزلة في إمرالي هو سياسة محدثة للإبادة الجماعية بحق الكرد.
ويحق لكل معتقل-محكوم بحسب قانون الدولة التركية والقانون الدولي الذي وقعت الدولة التركية عليه، مقابلة محاميه وعائلته مهما كان سبب اعتقاله، وله الحق في استخدام وسائل الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي، وقد كفل القانون والدستور الأساسي هذا الحق، حيث أن الدولة التركية لا تتقيد منذ 25 عاماً بقانونها، كما أنها لا تتقيد بقانونها فحسب، بل تتجاهل أيضاً القانون الدولي، فعندما أخذوا القائد أوجلان لأول مرة إلى إمرالي، لم يُسمح له بإجراء اللقاء مع محاميه لسنوات بذريعة تعطل القارب وسوء الأحوال الجوية، فيما يتم عرقلة اللقاءات مع المحامين في السنوات الأخيرة بذريعة العقوبات الانضباطية، كما أن العقوبات الانضباطية هي أيضاً ابتكار جديد للحرب الخاصة للدولة التركية المستبدة الفاشية، وتحاول إضفاء غطاء قانوني عبر غوغائية العقوبات الانضباطية لمنع القائد أوجلان من الاستفادة من الحق المعبر عنه بحق الأمل في القانون الدولي، وينص حق الأمل لدى الدول الأعضاء في مجلس أوربا على؛ كل من حُكم عليه بعقوبة السجن المؤبد ومسجون منذ 25 عاماً يجري الإفراج عنه، حيث تحاول الدولة التركية، العضوة في مجلس أوروبا، من خلال سياسات الإقصاء جعل تلك القوانين الدولية التي وقعت عليها بلا معنى تحت مسمى العقوبات الانضباطية، وتأجيلها لبعض الوقت، وإجبار العالم على قبولها وتحقيق النتيجة المرجوة في الإبادة الجماعية بحق الكرد.
وتسعى دولة الاستبداد التركية من خلال نظام التعذيب والعزلة كسر إرادة الشعب الكردي وإخضاعها للاستسلام، وتهدف إلى خلق حالة من عدم الثقة واليأس في المجتمع والقول “لا يمكن تحقيق النتائج بالنضال والمقاومة”، وتخشى الفاشية القاتلة من موقف الأيديولوجي والسياسي للقائد أوجلان وقوته الفكرية وتحاول التقليل من تأثير تفكيره على العالم الخارجي، حيث أن سياسة العزلة هي نتيجة لحرب الإبادة الجماعية بحق الكرد، فالحرب ضد القائد أوجلان هي حرب إبادة جماعية ضد الشعب الكردي، والقائد أوجلان هو إرادة الحرية للشعب الكردي، وعنوان الحل الديمقراطي للقضية الكردية، ويجب اعتبار كل تعامل تجاه القائد أوجلان مثل التعامل مع الشعب الكردي والقضية الكردية.
الجانب الأكثر أهمية لنظام العزلة على القائد أوجلان هو الجانب السياسي، وعندما نقّيم هذا الأمر من هذا المنظور، كيف تبدو هذه العزلة في الخارج، وكيف ينبغي بناء هذا الارتباط؟
نظام العزلة في إمرالي هو مركز سياسة الإبادة الجماعية للكرد، نظام الحرب الخاصة في إمرالي ليس منفصلاً عن مفهوم سياسات التصفية والإبادة الجماعية للكرد ضد الحركة التحررية الكردية، وبما إن نهج الدولة التركية في التعامل مع المشكلة الكردية يعتمد على سياسات الإنكار والمحو، فإن هناك نظام التعذيب والعزلة في إمرالي، وقد حولت الحكومة الفاشية لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية (AKP-MHP) نظام التعذيب والعزلة في إمرالي إلى أداة سياسية للحرب الخاصة من خلال سياسات الإبادة الجماعية التي تنتهجها، وتستخدم نظام العزلة ضد الكرد والشعب كوسيلة للتهديد والابتزاز، واستخدم حزب العدالة والتنمية (AKP) عملية الحوار بين عامي 2013-2015 كعملية للسيطرة على الدولة بشكل كامل وجعلها أداة، وبهذا المعنى، فإن الحرب في إمرالي هي نتاج سياسة واسعة وعميقة مبنية على استراتيجية طويلة المدى ومخططة ومبرمجة جداً، ويتم تنفيذ أقدم سياسات الإبادة الجماعية التي تعود لمئات السنين في إمرالي. وفي هذا الصدد، فهو أيديولوجي وسياسي بشكل تام.
ومن أجل تنفيذ خطة الإبادة الجماعية للكرد، أزالت الدولة التركية قانون دولتها بشكل كامل، وربطوا القضاء بأردوغان وخضعت لأوامر أردوغان، لقد أصبح هذا القضاء منظمة سياسية هدفها إبادة الكرد، وقد تحول القضاء التركي إلى أداة تدميرية تُنفذ تعليمات النظام الفاشي القاتل، ويُنفذ هذا القضاء جزءاً مهماً من الحرب ضد الكرد، وتقطع هذه الأداة المدمرة لسان كل من يتكلم وتلقي بكل من يقاوم في السجون، وتحاول الديكتاتورية الفاشية تخويف وعزل المعارضة الديمقراطية بسلاح القضاء الذي استولت عليه، عندما تنفذ الفاشية هجمات الإبادة الجماعية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية والعسكرية في كردستان، فإنها تزيد أيضاً من الضغط والعنف على المجتمع التركي مع مفهوم أن حرب الإبادة الجماعية لن تضعف، ومصدر كل هذه الضغوطات هو سياسة الإبادة الجماعية في مركز إمرالي.
ويحكم حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية تركيا بدكتاتورية فاشية، ولم تترك الفاشية القاتلة أي شيء من الديمقراطية والقانون خوفاً من استفادة الكرد منها، وقد قامت بعسكرة جزء مهم من المجتمع التركي وسممته وأفسدته بالقومية العنصرية، وأصبحت اتفاقية التتريك، التي نشأت على عداء الكرد، القانون والدستور الوحيد في تركيا، وخلقت فاشية الإبادة الجماعية، بأيديولوجيتها التركيبية التركية – الإسلامية، انقساماً عميقاً في المجتمع وعزلت ضمير المجتمع وأخلاقه الحرة وموقفه السياسي، وقد جعلت الدولة الفاشية الحرب في الداخل والخارج، في البلاد وفي العالم، قانون ضمان وحماية وجودها.
هل تمكنت الدولة التركية الفاشية والقوى الدولية من تحقيق النتائج التي أرادوها بهذه المؤامرة على القائد أوجلان والعزلة المستمرة منذ 25 عاماً أم لا، وإذا لم يكن يحققوا ذلك فما هو السبب؟
إن العزلة التي تم فرضها على القائد أوجلان منذ 25 عاماً لم تسفر إلا عن دمار كبير للشعوب التركية، وأدت العزلة القائمة على سياسة الإبادة الجماعية إلى تعميق تأزم المشكلة الكردية وأبعدت تركيا تماماً عن الديمقراطية والعدالة والقانون، وقد أدت سياسة الحرب إلى إفقار المجتمع، ودمرت نسيجه الأخلاقي والسياسي، وأحدثت انحلالاً عميقاً في المجتمع، وأودت بجميع الموارد الاقتصادية للدولة، لقد أنفقوا جميع الموارد الاقتصادية لتركيا على الحرب ضد الكرد، وأمطروا جبال وسهول ومدن كردستان بالقنابل على مدى السنوات الـ 25 الماضية، ويجري تدريب عشرات الآلاف من المرتزقة والكونترا لسفك دماء الكرد، ويجري تطوير التجسس بمئات الملايين من الدولارات، ويتم إنفاق مليارات الدولارات على الأسلحة وجماعات الضغط لتعزيز المشاعر المعادية للكرد، تركيا تحطم الأرقام القياسية من حيث تعاطي المخدرات ومبيعاتها، والسبب في ذلك هو حرب الإبادة الجماعية للكرد، فمن ناحية، تعمل تجارة المخدرات على تعزيز الانحلال الاجتماعي، ومن ناحية أخرى، تغطية نفقات الحرب، كما إن تركيا هي إحدى الدول التي تطورت فيها العصابات بشكل أكبر وتحتل المرتبة الأولى في التصنيف العالمي، وهي تحارب الكرد من خلال كافة أشكال تنظيم العصابات، والسبب الرئيسي لاستمرار آليات الانقلاب في تركيا هو الجمود في السياسة الكردية المبني على الإنكار والتدمير.
والنقطة التي برزت في نهاية 25 عاماً هي أن سياسة العزلة لم تسفر عن أي نتيجة أخرى سوى تدمير الحكومة الفاشية للدولة التركية والمجتمع التركي، أرادت الدولة التركية من خلال سياسة العزلة إجبار القائد أوجلان على الاستسلام، لكنها لم تنجح؛ أصبحت مقاومة القائد أوجلان اجتماعية وعالمية، وحاولت الدولة التركية بسياسة العزلة جعل القائد أوجلان بلا تأثير لكنها فشلت؛ تتم مناقشة أفكار وأطروحات القائد أوجلان اليوم في جميع أنحاء العالم ويُنظر إليه ويتم تبنيه باعتباره القوة الوحيدة للحل الديمقراطي للتغلب على المشكلات الاجتماعية والنظامية، ومن ناحية أخرى، عُزلت الدولة التركية بطابعها الفاشي عن شعوب العالم، أرادت الدولة التركية بسياسة العزلة الخاصة بها كسر إرادة الشعب الكردي وإرضاخه لكنها فشلت؛ وزاد الشعب الكردي من مقاومة حريته مع ثورة روج آفا التي تركزت على المرأة وأصبحت أملاً لكافة شعوب المنطقة والعالم، ومع ثورة الحرية “المرأة، الحياة، الحرية” أدى هذا الأمل إلى تقريب العالم أجمع من الحياة الحرة والديمقراطية، وفي نهاية 25 عاماً، انتصر الشعب والنساء، وتطور نضال الحرية ونما وأصبح عالمياً، أما الجهة التي انفضحت وتراجعت فهي الدولة الفاشية التركية والقوى الدولية المتآمرة.
ما هو صحيح وقوي، هو الحق والحقيقة، يخوض الشعب الكردي تحت قيادة القائد أوجلان النضال الأكثر حقوقية وشرعية في تاريخ البشرية، الكرد من أقدم الشعوب في التاريخ وهم الخلية الأساسية للإنسانية، ومثل شعوب الجغرافيا التي خلقت مجتمع العصر الحجري الحديث، يريدون لغتهم وثقافتهم وهويتهم وحريتهم وحكمهم الذاتي التي يتم إنكارها وتجاهلها، ويناضلون من أجل تحقيق ذلك، وهذا النضال المشروع حلال مثل حليب الأمهات، لا يمكن تدميره بسياسات الإنكار والمحو والعزلة، ويبين تاريخ البشرية لنا دائماً أن الحقيقة تنتصر على الظُلم والفاشية.
عندما ننظر إلى سجن إمرالي والسياسات التي تُنفذ هناك، نرى أنه لم يُشاهد لها أمثلة على مر التاريخ، إلا أن القائد أوجلان يخوض في مواجهة ذلك الأمر مقاومة تاريخية. كيف أثرت هذه المقاومة التي تُخاض منذ 25 عاماً في إمرالي على الحركة التحررية الكردية والكرد؟
يجري احتجاز القائد أوجلان في إمرالي منذ 25 عاماً في ظل العزلة المشددة، حيث برزت إرادة القائد أوجلان ومقاومته المنقطعة النظير، والتي خُلقت بشغفه الكبير بالحياة الحرة وبإخلاصه العميق، عن نفسها بشكل لافت للنظر في إمرالي، ولقد قام القائد أوجلان بتحويل ظروف التعذيب-العزلة في إمرالي إلى ساحة كبيرة للنضال ضد القوى المتآمرة والدولة الفاشية التركية على مدى 25 عاماً، ومنح الحركة التحررية الكردية وشعبنا قوة معنوية، وأبرز قوة المقاومة والإرادة التي لا تقهر في مواجهة جميع أنواع الصعوبات، وأسس الوعي والإرادة والنضال وقوة النجاح لكي تقود الحركة التحررية وشعبنا النضال التنظيمي في مواجهة الصعوبات، وطورت كل من الحركة التحررية وشعبنا في غضون 25 عاماً مقاومات عظيمة على خط القائد أوجلان وأبرزت قيماً عظيمة، وحارب الكرد بقيادة الحركة التحررية ضد الدولة التركية الفاشية والمستبدة وحليفتها داعش وأسسوا ثورة روج آفا، ولقد أضاءت ثورة روج آفا بانتهاج خط حرية المرأة وفهم الأمة الديمقراطية ظلمات الشرق الأوسط، وجعلت من المرأة الكردية القوة الرائدة الأيديولوجية والعملية للحركة النسائية العالمية، وتم إحياء نموذج الأمة الديمقراطية مع ثورة روج آفا، ولقد أبرز الاتحاد الحر الديمقراطي للشعوب عن التحالف الاستراتيجي للشعبين الكردي-العربي مثل نجاح مهيب لنموذج الأمة الديمقراطية.
مما لا شك فيه، إن المقاومة الممتدة على مدى 25 عاماً للقائد أوجلان قد شكلت تأثيراً أيضاً على القوى المتآمرة. في هذا الإطار، ما هو التأثر الذي رزحت تحته سياسات الدول الإقليمية والقوى الدولية، وخاصةً الدولة التركية، نتيجة لهذه المقاومة للقائد أوجلان؟
كان الهدف من المؤامرة هو اعتقال القائد أوجلان وتصفية الحركة التحررية، وقد أُحبطت هذه الخطة للمتآمرين، حيث أن المقاومة التي تطورت حول وعلى خط القائد أوجلان، دحرت جميع خطط المتآمرين، وقد حوّل القائد أوجلان نظام إمرالي للتعذيب والعزلة إلى ساحة رئيسية للنضال، بحيث كان نضالاً عظيماً للغاية في غضون 25 عاماً، وبرزت على السطح تطورات مهمة ونتائج ناجحة في شمال كردستان وتركيا في المجالات الاجتماعية والسياسية، واندلعت ثورة في روج آفا، وفتح النضال التحرري الكردي قنوات جديدة للعلاقات داخل وخارج الوطن، وكثف أصدقائه، وطوّر تحالفات تكتيكية واستراتيجية، وقُوبل نموذج الأمة الديمقراطية للقائد أوجلان وحل النظام الكونفدرالي الديمقراطي باهتمام كبير لدى الرأي العام العالمي، وعلى وجه الخصوص، ترك النضال التحرري للمرأة الجميع في حالة من الذهول، وأصبح مفهوم القائد أوجلان، جنولوجي-علم المرأة، مركز اهتمام العالم، وجمع حركة المرأة الكردية مع الحركات النسائية العالمية، وحولها إلى حركة عالمية، وعرّفت المقاومة الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية والعسكرية التي قدمتها المرأة الكردية في النضال ضد داعش طابع النضال التحرري الكردي للعالم، وأثارت مقاومة الكرد بقيادة المرأة الكردية في هجمات مرتزقة داعش على كوباني الضمير الإنساني، وأبرز مستوى التبني في العالم، ولا شك أن كل هذه الأمور كانت تطورات في غاية الأهمية.
وأثبت عدم اندحار خط القائد مرة أخرى توجيه الدولة الفاشية المستبدة نحو عمليات بحث وأساليب مختلفة، فيما أن حزب العدالة والتنمية الذي يدير الدولة، طوّر تكتيكاً جديداً وحاول تصفية الحركة بالأسلوب المعدل للحرب الخاصة تحت مُسمى الحوار والحل، وحاول بهذا الأسلوب على مدى سنوات خداع الجميع في الداخل والخارج، وحشد الدعم وبالتي الهيمنة على كل مفاصل الدولة، ولا يمكن للمرء القول بأن حزب العدالة والتنمية قد فشل في هذا الصدد، حيث أن أغلبهم تمكنوا من خداع البيئة والسلطة والسيطرة على الدولة وبناء دولتهم الخاصة، وخاصةً بين عامي 2013 و2015، طور مرحلة الحرب الخاصة تحت مُسمى مرحلة الحل، وبينما كان يشن حرباً خاصة ضد نضالنا، وعندما رأى أن حركتنا التحررية أصبحت قوية جداً على أساس النموذج الجديد للقائد أوجلان، بدأ بشن الحرب الشاملة، حيث زج بتركيا على مدى 8 سنوات في حرب مروعة مثل يوم القيامة، وينفذ حزب العدالة والتنمية سياسة الحرب في الداخل وفي العالم، فيما يأخذ على عاتقه حزب الحركة القومية وجميع فلول الاتحاد والترقي، فمن ناحية، يريد الوصول إلى الحدود الميثاق الوطني عبر إبادة الكرد، ومن ناحية أخرى، ينفذ السياسة الطورانية من خلال ارتكاب إبادة أرمنية جديدة، ويعمل على توحيد الدول الناطقة بالتركية، ويهدف إلى السيطرة على نفط وغاز آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، فالأمر الذي لم يفلح أنور باشا في القيام به في بداية القرن العشرين، فإنه يريد من خلال إبادة الكرد والأرمن بناء إمبراطورية طورانية، كما أنه يشن الهجمات على شمال وشرق سوريا وروج آفا وجنوب كردستان بنهج قائم على العثمانية الجديدة، والأمر الذي ينبغي إدراكه، هو أنه نتيجة لما أفرزه خط مقاومة القائد، هو أن تركيا باتت في طريق مسدود.
ولقد أدت العداوة تجاه الكرد إلى وضع تركيا في خضم حرب عمياء، حيث تقوم بيدها بقصف ديناميكيات القوة الأساسية التي خلقت تركيا، وتعيش في وهم قائل “أنا من أفوز، وأحقق إنجازات عظيمة”، وتتجه تدريجياً نحو نقطة بحيث تنعدم فيها أسباب وجودها، فتركيا عالقة من الأطراف الأربعة بين حواف هاوية لا قرار لها، وتعتقد أن الذهاب إلى حافة الهاوية مثل الصعود إلى الأعلى، ولا يمكنها أن ترى أن مستقبلها بالكامل في خطر محدق، فهل سينشأ قرن جديد لتركيا مع مجموعة بنزعة عسكرية من خلال أوهام العنصريين الفاشيين، وجيش يمطر الجغرافيا الكردية بالقنابل كل يوم ويسيل لعابه مثل الكلاب المسعورة؟ فهل الدولة التي تمتلئ قاعات محاكمها وسجونها بالكرد والنساء والوطنيين والاشتراكيين والديمقراطيين، تتجه نحو تحقيق النجاح أم الهزيمة؟ إن الشيء الذي نعرفه هو أنه في نهاية المطاف، ستخسر الإبادة الفاشية وسينتصر الشعب، وأن الكرد سيتحررون وتتحول تركيا إلى ديمقراطية.
وعلى مدار 25 عاماً تحدث تطورات جادة في المنطقة، حيث أن دولاً قومية مثل العراق وسوريا قد انهارت، وسوف تنهار وتتفكك أنظمة الدول-القومية الفاشية تدريجياً خلال سنوات وعقود في مواجهة المقاومة الشعبية القائمة على أساس فكر الحرية والديمقراطية التي تتطور تحت تأثير نموذج القائد ونضالنا التحرري، وسوف تغير مطالب الحرية للشعوب والنساء الشرق الأوسط، حيث يمكن ملاحظة تأثير ذلك الأمر اليوم، وإن الدول القومية الفاشية والاستعمارية والقمعية والإنكارية والمركزية-الأحادية إما أنها ستتغير أو تنهار في نهاية المطاف، فالأوقات التي يزداد فيها الظلام قتامة هي الأوقات الأقرب لبزوغ الشفق، حيث أن الوقت الذي تعيشها المنطقة هو هذا الوقت، كما أن الدول التي شاركت في المؤامرة الدولية لم يعودا أقوياء مثل السابق، حيث فقدوا هيمنتهم في مواجهة مطالب الحرية والديمقراطية للشعوب والنساء والشبيبة، وإن تكثيف القمع والشدة سيفسح الطريق أمام هذا التقسيم والانفصال، وإن التآمر على الكرد والشعوب أو المشاركة في مخططات المؤامرة لن يؤدي إلا إلى تسريع تفككهم. وعلى الرغم من عدم تحقيق القوى الدولية المتآمرة أهدافها المنشودة، إلا أنها ومنذ 25 عاماً تقدم الدعم للدولة التركية المستبدة من أجل تصفية الحركة، حيث أن نظام إمرالي للتعذيب والعزلة هو نظام تم بنائه من قِبل القوى المتآمرة، في حين أن القوى الدولية تلعب دوراً رئيسياً في بناء وإدامة نظام التعذيب والعزلة، وعلى الرغم من أن هذه القوى تضطر بين الحين والآخر إلى إقامة تحالفات ظرفية مع الكرد المنتفضين بناءً على مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة، إلا أن ذلك لا يغير النية والهدف الحقيقي لهذه القوى، وفي واقع الأمر، فإن دورهم في استمرار عزلة إمرالي ودعمهم للدولة التركية في عمليات الاحتلال واضح، وقد كشفت هذه العلاقات للقوى الدولية المتآمرة مع الدولة التركية وجههم الحقيقي وأضعفتهم أمام الشعب، وسيدفعون كل عام المزيد والمزيد من الأثمان جراء الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب الكردي في المؤامرة، وستنكشف جرائمهم بكل أبعادها أمام الإنسانية جمعاء.
مقاومة القائد أوجلان في سجن إمرالي لها جوانب عديدة، ما هي الجوانب الأيديولوجية والنموذجية والحياتية والجسدية لمقاومة القائد أوجلان؟
إن مقاومة القائد أوجلان في إمرالي هي مقاومة أيديولوجية وسياسية واجتماعية، لقد تم تسليم القائد أوجلان إلى الدولة التركية عبر مؤامرة دولية لأنه حمى الحياة الحرة والديمقراطية للشعب الكردي والشعوب بأكملها وخاص نضالاً عظيماً من أجلها، السبب وراء فرض نظام التعذيب والعزلة على القائد أوجلان في إمرالي هو قيّم الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية التي يحميها، الشوق إلى خلق شرق أوسط جديد، يقوم على أخوة الشعوب، وهو محتجز داخل نظام التعذيب والعزلة لأنه يحمي القيم الإنسانية، يحمي القائد أوجلان حقوق الشعوب والنساء وجميع الهويات المضطهدة في إمرالي في ظل ظروف التعذيب وجميع أنواع أنظمة الحرب الخاصة، ويُظهر إرادة خارقة، ويمهد الطريق أمام الشرق الأوسط لكسر مصيره المظلم ليصبح منطقة جغرافية جديرة بها، يقاوم القائد بإرادة غير عادية منذ 25 عاماً في ظروف لا يستطيع حتى الشخص السليم جسدياً البقاء على قيد الحياة خلالها لبضعة أشهر، إن شوقه الكبير للشعب الحر والإنسانية الحرة هو الذي يُبرز هذه المقاومة الفريدة، إنه حب الحياة الحرة.
القائد أوجلان هو المنظر ومؤسس الأيديولوجية الاشتراكية الديمقراطية، وهو الإيديولوجي والمنظر والممارس لنموذج الأمة الديمقراطية وحل النظام الكونفدرالي الديمقراطي، جلب القائد أوجلان تفسيراً جديداً للأيديولوجية الاشتراكية وقام بتعميقه، أوجد نموذجاً ونظاماً للنظام الاجتماعي خارج نطاق السلطة-الدولة، إن القائد أوجلان هو اليوم القائد الجديد للاشتراكية بالنموذج والأيديولوجية التي طورها، وطور أيديولوجيةً ونموذجاً لكيفية عيش المجتمع من خلال بناء استقلاليته الاشتراكية الديمقراطية خارج نطاق السلطة-الدولة، وقد أثبت ذلك في الوضع الحالي لثورة روج آفا، وبهذا المعنى، ومن خلال تجاوز جميع الحركات الاشتراكية اليسارية بالنضال ضد النظام الرأسمالي الإمبريالي ونظام الهيمنة الذي وصل إلى ذروته مع حداثته، عائق السلطة-الدولة، أبرز منظور الحياة الحرة والنظام الاجتماعي، وكشف أن دمج الاشتراكية مع ظاهرة السلطة-الدولة أمر خاطئ فكرياً ونظرياً وعملياً، وأظهر أنه لا يمكن أن يكون هناك دولة اشتراكية وأن أولئك الذين يدافعون عن هذه الأطروحة لا يمكنهم خلق ثورة اشتراكية ناجحة، وهذا ما يمكن رؤيته من الأمثلة العالمية، لقد قدّم النموذج الذي طرحه القائد أوجلان رؤية صحيحة للاشتراكية، وقد أدرج اليوم على جدول أعمال المناقشات على المستوى العالمي وحظي بقدر كبير من التبني والدعم.