٢٧ أكتوبر ٢٠٢٣

منظومة المجتمع الكردستاني تدعو لإعادة مناقشة العلاقات الكردية – التركية واستئنافها

أدلت منظومة المجتمع الكردستاني ببيان بمناسبة مرور قرن على تأسيس الجمهورية، وقالت فيه: “ندعو إلى إعادة مناقشة العلاقات الكردية – التركية واستئنافها، وعلى هذا الأساس يجب إنشاء تحالف ديمقراطي للشعوب”.

وقالت الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) في بيانها: ” مرت مائة عام على تأسيس الجمهورية، والآن تجري مناقشات في تركيا حول الشكل الذي سيكون عليه القرن الثاني للجمهورية، ونحن نرى أنه من المهم مناقشة عملية الجمهورية في القرن الماضي بشكل صحيح، فبناء القرن الجديد بشكل صحيح يمكن أن يتم بطريقة صحيحة، من خلال مناقشة صحيحة واستخلاص الدروس من التاريخ وعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي مرة أخرى، وإلى أن يتم ذلك، فمن المستحيل أن يكون لدينا مناقشة صحيحة للتاريخ وخطة مستقبلية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتركيا، فإن أي مناقشة دون الكرد ودون أخذ الكرد في الاعتبار، لا يمكن أن تكون صحيحة ومثمرة، ولن يكون لهذا العرض معنى مختلف عن العرض السابق، وهو أمر لا يستحق المناقشة، الكرد هم حقيقة لهذه الجغرافيا، سواء في تأسيس الجمهورية أو في العصور التي سبقتها، كانوا العنصر الرئيسي في الهيكل الإداري والسياسي، ولذلك فإن النقاش الصحيح عن العملية التاريخية، وبالأخص النقاش عن فترة الجمهورية، لا يمكن أن يكون إلا على أساس العلاقة الكردية – التركية، والنقاش حول الجمهورية بعيداً عن العلاقات الكردية – التركية هو بالتأكيد نقاش ناقص وخاطئ وخطير”.

وأضافت الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK): “للأسف، تضررت هذه العلاقات الكردية – التركية التاريخية مع تأسيس الجمهورية، وكلف هذا الأمر الكرد والأتراك والجميع كثيراً وتسبب لهم بالآلام والخسائر ودمار كبير”، وتابعت: “ومع عملية الجمهورية، حدثت كافة الأوضاع والأحداث السلبية نتيجة لهذا التدهور، وللأسف، لم يتم القضاء على الأحداث السلبية لأن هذه الحقيقة لم تُرى، وتم التغاضي عنها حتى الآن، لذا، ومع إتمام قرن الجمهورية، يجب أن تكون القضية الأساسية والرئيسية هي رؤية هذه الحقيقة، والقضية الأساسية والأصح التي يجب تقييمها في تركيا، هي بالتأكيد هذه القضية، هذه هي الطريقة التي يجب أن تتم بها المناقشة الصحيحة والتصحيحية المناسبة، وعندما يتم إعطاء إجابة صحيحة عن تدهور العلاقات الكردية – التركية التاريخية ويتم تصحيح هذا الخطأ، فعندها يمكن تصحيح المسار الخاطئ للتاريخ وتحقيق الديمقراطية في المقام الأول، واستعادة كافة السمات الإيجابية التي تمارس أو التي يتوقع أن تمارس في الجمهورية”.

وجاء في بيان الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني:

“إن العلاقة الكردية التركية بدأت بعد قدوم الأتراك إلى الشرق الأوسط بطريقة جماعية، وخاصة إلى كردستان. حيث ان هذه العلاقة، التي وصلت إلى مستوى استراتيجي عام 1071 مع معركة ملازكرد، استمرت بطريقة إيجابية عبر التاريخ. وفي هذه المرحلة، كان الكرد والأتراك يدركون أهمية بعضهم البعض، وتحركوا معاً كعنصرين أصليين، عاشوا معاً. واجتازوا المراحل الحرجة من التاريخ بالوحدة والتحالف. بلا شك كان هناك قبول متبادل والتجمع حول الأهداف المشتركة في أساس هذا النصر. لم يشهد التاريخ أن الكرد والأتراك تصرفوا ضد بعضهما البعض. حيث تم حل المشاكل والصراعات من خلال فهم الأهداف المشتركة والمستقبل، واستمر التحالف الاستراتيجي وتمت حمايته. كما تم حل مشكلة استيطان المجتمعات التركية التي انفصلت عن أراضيها وهاجرت، بهذه الطريقة. حيث تم حل هذه المشكلة عن طريق كسر حكم الحضارة البيزنطية في الأناضول وكردستان، التي كانت آنذاك القوة المهيمنة على الإمبراطورية. ونتيجة لهذه العلاقة والتحالف، لم يستقر الأتراك بشكل دائم في كردستان. اتجه الاتراك نحو الغرب مع انهيار حكم بيزنطة وانتقلوا إلى الأناضول واستقروا هناك. هذا وضع جيد ينبغي التركيز عليه بجدية واستخلاص الدروس منه. إذا كان هناك موضوع يمكن الحصول على نتائج تاريخية منه، فلا يوجد مثال أكثر فائدة من أساس العلاقات الكردية التركية.

تطورت العلاقة والتحالف الكردي التركي الأولي، الذي أدى إلى استيطان الأتراك في الأناضول، بشكل أكثر في المراحل اللاحقة. لعب التحالف والعلاقة الكردية التركية دوراً مهماً في مواجهة احتلال وهجوم القوى الغربية من أجل سيادة الشرق الأوسط، والذي يعرف في التاريخ بالحروب الصليبية. برز الأيوبيين كجزء من هذا التحالف وهذه العلاقة ولعبوا دوراً تاريخياً مهماً باسم الشرق الأوسط برمته. ومع قيام الدولة العثمانية تطورت هذه العلاقة أكثر. وكانت هذه العلاقة قوية وحددت مسار التاريخ، خاصة في عهد السلطان العثماني الأول السلطان سليم. في القرن السادس عشر، تعرضت كردستان والأناضول للتهديد من قبل إمبراطورية إيران ومصر. لقد هزم هذا التحالف هذين التهديدين الكبيرين. إن التغلب على هذين التهديدين كان مهماً للشعبين على المستوى التاريخي. وبعد هذه المرحلة، قامت المجتمعات التركية التي انقطعت عن بلادها وهاجرت إلى الشرق الأوسط والأناضول، بتحويل القوى التي كانت تهددها وحل مشكلة الوجود. كل هذا حدث بفضل التحالف والعلاقة مع الكرد. وبنفس الطريقة، وبفضل هذا التحالف وهذه العلاقة، حمى الكرد استقلالهم، وطوّروا لغتهم وأدبهم وثقافتهم، واستمروا في وجودهم.

ومثلما هو واضح، ليس هناك محاولة للسيطرة والاستبداد ضد بعضهما البعض في العلاقات التاريخية بين الكرد والأتراك. هناك وضع كهذا حيث يعرفون بعضهما البعض ويظهرون الاحترام لبعضهما البعض. خلال الفترة العثمانية، فإن الإدارة الواسعة التي تمت معرفتها من خلال التنظيمات الإدارية في كردستان تظهر هذه الحقيقة. لم تحصل مناطق أخرى على هذا النوع من إدارة ذاتية. لذلك استمرت هذه العلاقة لمئات السنين. ولأن القائد آبو يعتبر هذا الأمر في غاية الأهمية، فقد استعرض التطور التاريخي للعلاقات الكردية التركية وأسسها في هذا الإطار، وذكر أن هذه العلاقة يجب أن تتجدد وفق الظروف الحالية.

كانت إحدى النقاط التاريخية المحددة للعلاقات الكردية التركية هي المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى. كان لسياسات الحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط تأثير سيئ على العلاقات الكردية التركية. ومع بداية القرن العشرين، تضررت العلاقة والتوازن التاريخي بين الشعبين. بعد الحرب العالمية الأولى، جلب وصول قوى الحداثة الرأسمالية إلى الشرق الأوسط، وخاصة وصول بريطانيا وفرنسا، معه تهديداً جديداً. لقد تعرضت جغرافية الشرق الأوسط، بما في ذلك الأناضول وكردستان، للاحتلال من قبل قوى الحداثة الرأسمالية. وقد هدد هذا الوضع وجود الأتراك، وكذلك الادارة الذاتية للكرد. ومرة أخرى أجبرت الظروف الكرد والأتراك على تشكيل تحالف تاريخي. وكان الفاعلون في ذلك الوقت يدركون أيضاً هذه الحاجة، وبهذه الطريقة انضموا إلى الحركة، وضمنوا بهذه الخطوة نصراً تاريخياً. لقد ارتكزت مرحلة المسيرة نحو الجمهورية على هذا التحالف التاريخي. وفي أساس هذا التحالف، كانت هناك حياة متساوية للكرد والأتراك باعتبارهم العناصر الرئيسية في الدولة الجديدة.

وقد أصبحت كردستان مركزاً مهماً في هذه المرحلة. وذهب مصطفى كمال بنفسه إلى كردستان وشارك في الاجتماعات هناك. وقد وردت في هذه اللقاءات إرادة وتصميم الحركة المشتركة ضد العدو المشترك. وفي هذه الاجتماعات والاجتماعات اللاحقة، تم اتخاذ قرارات بالاعتراف بحقوق الكرد، وسيتمتع الكرد بإدارتهم الذاتية، وسيقود الكرد والأتراك الدولة المشتركة كشعبين متساويين. قد تم تحديد هذا الموقف في الدستور الأساسي لعام 1921. والكرد الذين انضموا إلى المجلس الأولي أخذوا مكانهم باسم نواب كردستان وتمت دعوتهم بهذه الطريقة. وفي هذه المرحلة، لم يكن هناك حظر ضد الكرد. وقد أشار مصطفى كمال نفسه إلى الإدارة الذاتية للكرد في العديد من تصريحاته وأكد على أهمية تنفيذ ذلك. لقد تضررت العلاقات التاريخية الكردية التركية، وتم استعادتها بهذه الوعود وخرجت بنجاح من هذه المرحلة التاريخية الحاسمة. وتعتمد هذه المرحلة، التي تُعرف بحرب التحرير في تركيا، على أسس تاريخية من هذا النوع، على العلاقات مع الكرد. لقد تم التحرر من الاحتلال والاستقلال بفضل النضال المشترك.

ومع ذلك، فإن المرحلة اللاحقة لم تكن كما كانت محددة. بعد القضاء على التهديدات، لم يتم الوفاء بالوعود التي قدمت للكرد، وبدلاً من الدولة والوطن المشترك، تم إنشاء الدولة القومية على أساس التركية. تم تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء بموجب معاهدة لوزان التي تم التوصل إليها مع قوى الحداثة الرأسمالية. ولم يتم تقسيم كردستان فحسب، بل في الوقت نفسه، فُرضت عملية الإنكار والإبادة على الشعب الكردي. وتم حرمان الكرد في دستور 1924 وتم تأسيس نموذج الدولة القومية المبني على العقلية الواحدة. ومع الدستور الأساسي لعام 1924، دمرت العلاقات الكردية التركية من جهة، ودمر مشروع الجمهورية من جهة أخرى. وبهذه الطريقة، تمت إزالة الأرضية التي من شأنها أن تغير مصير تركيا وكردستان والشرق الأوسط، وتحرر شعوب الشرق الأوسط من هيمنة نظام الحداثة الرأسمالية، وتؤسس للخط الديمقراطي. وبهذه المرحلة دخلت خطط نظام الحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط حيز التنفيذ. وهذا أضر بالشعب الكردي وشعب تركيا والشرق الأوسط. كما يبين هذا الوضع أنه بدلاً من النهج الاستراتيجي، تم اتباع نهج تكتيكي في العلاقة بين الكرد والأتراك. ونظراً لظروف الحرب العالمية الأولى والصعوبات التي تلتها، كان لا بد من التواصل مع الكرد، لكن هذا الاتصال لم يستمر بعد زوال التهديدات. وبعد انتهاء هذه العلاقة، سادت السياسات الإمبريالية للحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط واستمرت حتى الآن بهذه الطريقة.

بلا شك، كان الكرد هم الذين عانوا أكثر من غيرهم في هذه المرحلة. تم تقسيم كردستان وبدأت مرحلة مؤلمة وصعبة للغاية بالنسبة للشعب الكردي. هذه هي مرحلة إبادة الكرد. تتمتع الدول القومية بالسيادة على كردستان، وقد نفذت سياسات إبادة جماعية ضد الكرد. ولسوء الحظ، فإن الدولة التركية، التي وعدت الكرد والتي تأسست بدعم من الكرد، أصبحت القوة الرئيسية لإبادة الكرد. كان يُنظر إلى كردستان على أنها منطقة انتشار القومية التركية، وكان أي شيء باسم الكردياتية محظوراً. حيث ان إنشاء الدولة القومية، والتي تُعرف بأنها جمهورية، تم بناؤها بالكامل على أساس إبادة للكرد. كانت تصرفات الدول القومية مثل العراق وسوريا وإيران متشابهة. وعندما كانوا ضعيفين، تدخلت الدولة التركية نفسها ومنعت المحاولات التي كانت تهدد سياسات الإبادة الجماعية ضد الكرد. وفي نهاية هدف بناء الدولة القومية، طُلب تدمير الشعب الكردي، الذي يعد من أقدم الشعوب في التاريخ وقد أخذ زمام المبادرة في النشأة الاجتماعية للإنسانية وله جهد كبير في ابتكار اللغة والثقافة والوعي الإنساني؛ الشعب القديم لمهد الحضارة الديمقراطية طوروس وزاغروس ومزوبوتاميا. لكن من المؤسف أننا نعلم جيداً أن العديد من الشعوب والمجتمعات قد تعرضوا للإبادة في الأناضول ومزوبوتاميا والشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم أثناء قيام الدولة القومية. وهذا فُرض أيضاً على الكرد ولا يزال يُفرض. وفي هذه الأثناء، وجه اعتراض الشعب الكردي على الإبادة الجماعية والإنكار لقمع كبير. لقد جعلوا كردستان تبدو وكأنها بحيرة من الدماء بقولهم: “الكرد ينتفضون”. لقد تحول كل وادي وسهل وتل في كردستان إلى مجال للإبادة، ولقد حرقوا كردستان ودمروها. كما تعرض مئات الآلاف من الكرد للقتل في القرى والمدن والأودية والكهوف. تعرض مئات الآلاف من الكرد للقتل في آمد وديرسم ووادي زيلان. وحدث في حلبجة والأنفال. تم تنفيذ قوانين تونجلي وخطط إصلاح الشرق. لقد أرادوا تدمير الكردياتية والثقافة الكردية من خلال سياسات الصهر والإبادة. وفُرضت الهجرة القسرية على الشعب الكردي، فتم تهجيرهم من مناطقهم وموطنهم. لقد تعرض للإهانة والإذلال بكل الطرق. لم يتم تنفيذ سياسات الإبادة الجماعية الثقافية في كردستان فحسب، بل تم تنفيذ سياسات الإبادة الاقتصادية أيضاً. لقد تم استخدام الكرد كقوة رخيصة، وتم نهب الموارد الخارجية والباطنية لجغرافية كردستان. كما تم حظر التحدث باللغة الأم والتعليم بها. ولا يزال هذا الحظر مستمراً. هل هناك عار أكثر من حظر اللغة؟ لقد تم شرعنة أعنف الانتهاكات والتصرفات واكثرها عاراً في التاريخ، بحق الكرد. فهل يمكن رؤية عقلية الدولة القومية التي فعلت كل هذا بشكل صحيح؟ هل يمكن اعتبار الجمهورية التي تسببت في كل هذا حقيقية وإيجابية؟

كان تدهور العلاقات الكردية التركية بمثابة معارضة للكرد بقدر ما كان بمثابة معارضة لتركيا والشعب التركي. وبغض النظر مصلحة جماعة، لم يتحقق أي من الأهداف المتوقعة من الدولة الجديدة والجمهورية. ولم يكن للتتريك والقومية معنى آخر إلا كأداة للسلطة. لقد كان الشعب التركي مدفوعاً دائماً بمشاعر التركية والقوموية. لقد تسمم المجتمع بالعداء تجاه الكرد. وبهذا لم يُسمح للشعوب ان يحددوا حقوقهم الديمقراطية وتحقيقها. هكذا جعلوا من الشخص التركي بأن لا يفكر في أي شيء سوى ملء معدته. ولم يُمنح المجتمع الفرصة ليكون له رأي في مستقبله. وتم الاستيلاء على آليات الدولة وتم إنشاء مجموعة تقود المجتمع في السياسة والبيروقراطية. هذه المجموعات وأصحاب رأس المال قد نهبوا المجتمع. لجأ الشعب الكادح، الذي تُرك لمواجهة المجاعة، إلى مراكز الحداثة الرأسمالية. تم تسليم المجتمع إلى الطريقة والأغاوات والتجار. ومع الدولة والجمهورية الجديدتين، وبغض النظر عن التنمية، فقد تراجعت أكثر من ذي قبل. أولئك الذين يديرون الدولة ليس لديهم أي مسؤولية اجتماعية. وقد أبرموا الصفقات والعلاقات مع القوى الاستبدادية والرجعية. حيث دخلت الجمهورية التي قامت من خلال العلاقة مع الكرد ومن خلال النضال ضد سياسات القوى الرأسمالية الإمبريالية في تركيا وكردستان والشرق الأوسط، في نهج معاكس. تم قبول الإبادة الجماعية للكرد كسياسة أساسية وتم إنشاء جميع أنواع العلاقات مع قوى الحداثة الرأسمالية ضد المجتمع. وكانوا بحاجة الى دعم القوات الأجنبية من أجل الاستمرار في سياسة إبادة الكرد. لم يتم تقديم أي تنازلات للقوات الأجنبية للحصول على هذا الدعم. جعل العداء تجاه الكرد الدولة من دون معايير. لم يتم تنفيذ سوى إجراء وقانون واحد، وهو العداء ضد الكرد. ومن ناحية أخرى فإن نظام الدولة يعتمد على العداء تجاه الكرد وإبادة الكرد كالطفرة، تعود دائماً إلى صاحبها وتضربه. إن اكتساب الدولة وإدارتها لم يكن إلا بالحرب. لم تكن معركة الاستحواذ على الدولة وإدارتها أقل مما كانت عليه خلال عهد الأسرة الحاكمة. وكان تنفيذها وإجراءاتها أكثر خطورة مما كانت عليه في ذلك الوقت. الانقلابات والمؤامرات والخيانات والتقارير والإعدامات والمذابح لا نهاية لها. عندما يركز المرء على حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الحاليين، سيتم فهم هذا الوضع. إن حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لا يقاتلان ضد الشعب الكردي فقط، ولكن أيضاً ضد كل جزء من المجتمع، وكل فرد في المجتمع. لقد تم تسليم المجتمع والدولة بالكامل إلى الطريقة والمافيا والتجار. لا شك، يتم ذلك من خلال العداء تجاه الكرد، ويتم شرعنته على هذا النحو.

لم يتضرر الكرد والأتراك فحسب من تدهور العلاقات الكردية التركية، بل تضرر العرب والأرمن والرومان والفرس واليهود والسريان وجميع شعوب الشرق الأوسط الأخرى ايضاً. تدهورت العلاقات بين الكرد والأتراك، واصبحت هناك صراعات وأصبحت سياسات الحداثة الرأسمالية والإمبريالية هي المهيمنة في الشرق الأوسط في المرحلة التاريخية الأكثر أهمية. لقد انقسمت شعوب الشرق الأوسط، وأصبحت الشعوب أعداء بسبب القومية. وكان هذا لصالح قوى الحداثة الرأسمالية فقط. إن قتل الفلسطينيين وإبادتهم، المدرج على أجندة العالم، لا يختلف عن مرحلة الإبادة هذه. لو استمرت العلاقة بعد قيام الجمهورية لكانت التطورات في الشرق الأوسط مختلفة. إن سياسة الحداثة الرأسمالية، التي سممت الشعوب بالدولة القومية والقومية وربطت الجميع بأنفسهم، لم تكن لتكون هي الحاكمة وكان سيمهد الطريق لإرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط.

حزب العمال الكردستاني هو حركة الانتفاضة ونضال وتحرر بدأها الكرد ضد الإنكار والقتل والإبادة. أي بمعنى إعادة بناء العلاقات الكردية التركية. وبهذه الطريقة، فإن البداية التاريخية مهمة جداً. لقد أعاد حزب العمال الكردستاني إحياء الكرد، وأعطاهم المعرفة والإرادة للارتقاء إلى دورهم التاريخي. وهذه الخدمة لم تكن للكرد فحسب، بل للأتراك في المقام الأول، ولجميع شعوب الشرق الأوسط. ومن المهم أن يرى الجميع في تركيا هذا جيداً وان يفهمه. كان الانقلاب العسكري الذي وقع في 12 أيلول خطوة تهدف إلى إنهاء العلاقات الكردية التركية. لقد جعل القائمون على هذا الانقلاب هدفهم هو القضاء على الكرد بشكل كامل. لكن التاريخ والماضي القريب واضحان أن الكرد لا يصبحون أتراكاً والأتراك لا يصبحون كرد. ان تدمير الكرد هو تدمير الأتراك. كما أحبط حزب العمال الكردستاني، في مواجهة انقلاب 12 أيلول، هذه الخطوة. وبهذا يكون النضال مشروعاً وصحيحاً، وقد ارتقى إلى دوره التاريخي. من المؤسف أنه لم يُسمح للمجتمع التركي بفهم ذلك. فمن ناحية، الدعاية التشهيرية لسلطات الدولة، ومن ناحية أخرى، الدوائر اليسارية والاشتراكية والديمقراطية والفكرية التي لم تستطع الخروج من تأثير القومية وغياب الرأي الديمقراطي، جعل من هذه لقد الحقيقة تتأخر. لم يتم بعد توصيل هذه الحقيقة بشكل جيد إلى المجتمع التركي. وفي هذا، كما هو الحال بالنسبة للحركة الديمقراطية الكردية، هناك نقص ومسؤولية على عاتق القوى الديمقراطية في تركيا والحركات الاشتراكية والمثقفين.

وفيما يتعلق بالعلاقات الكردية التركية، من المهم جداً الحديث عن المؤامرة الدولية التي بدأت في 9 تشرين الأول 1998 وانتهت في 15 شباط 1999 بأسر إمرالي في العام المئة للجمهورية، لأن المؤامرة الدولية هي من أكبر الضربات التي وجهت للعلاقات التاريخية بين الكرد وتركيا. كانت المؤامرة الدولية تهدف إلى إنهاء العلاقات الكردية التركية التي كان حزب العمال الكردستاني يحاول إعادة تأسيسها ومنع هذه المرحلة من الانتهاء بنجاح. ان هذا الواقع بأن الولايات المتحدة وإسرائيل والناتو كانت القوى الرئيسية التي خططت ونفذت المؤامرة، تكشف هذه الحقيقة بما فيه الكفاية. لم يسمح القائد آبو بتحقيق هذا الهدف من خلال الكشف عن الوجه الداخلي للمؤامرة الدولية والغرض منها. يخوض القائد آبو هذا النضال منذ 25 عاماً في ظروف الأسر في إمرالي. حتى الآن يتم تنفيذ المؤامرة الدولية على أساس قطع كافة علاقات القائد آبو مع العالم الخارجي، وهي ممارسة تسمى العزلة المطلقة وانعدام الاتصال. ولهذا السبب، ان المعتقلين الموجودين في إمرالي ومفروض عليهم عزلة مطلقة، هي علاقة الأتراك والكرد. من المهم جداً أن يتم فهم هذه الحقيقة والتأكيد عليها والتعبير عنها بشكل خاص من قبل الرأي العام والمثقفين والقوى الديمقراطية والقوى الاشتراكية والمحبة للحرية في تركيا.

إن هدف وإجراءات سلطة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هو تنفيذ الإبادة ضد الكرد من خلال الفاشية، وبالتالي تدمير التحالف الكردي التركي التاريخي بالكامل. وهذا الهدف أكده الانقلاب العسكري في 12 أيلول. أراد الوحدويون القيام بذلك على أساس الهوية التركية في التاريخ. ومن ناحية أخرى، خطط نظام 12 أيلول للقيام بذلك على أساس التعصب الديني بشكل رئيسي. واليوم تحاول سلطة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية تحقيق ذلك من خلال توحيد هذين الاثنين وهذا يدل على أن النظام هو الأسوأ والأخطر. وهم يرون في وجود الكرد تهديداً لمستقبل الدولة، لدرجة أنه يمكن القول إنهم يرون الحل لبقاء الدولة في إبادة الكرد. وهو لا يذكر هذه الحقيقة فحسب، بل يبدأ أيضاً حرباً شرسة ضد الكرد ويهاجمون الكرد في كل مكان ويقتلونهم ويعتقلونهم ويسجنونهم. ولسوء الحظ، يمكنهم إقناع المجتمع التركي بأن هذه فكرة عقلانية من خلال أنشطة الحرب الخاصة. ومع ذلك، لا يوجد جانب عقلاني أو أخلاقي أو ضميري أو قانوني لذلك. من الواضح أن هذا معادٍ للكرد بقدر ما هو معادٍ للأتراك ويضر بالأتراك أيضاً. إن تدهور العلاقات بين الكرد والأتراك والحرب بين الكرد والأتراك لا يفيد إلا القوى الأجنبية. وإلا فإنه لا يعطي أي نتيجة أخرى. وقد أثبت التاريخ هذه الحقيقة بما فيه الكفاية. وتظهر هذه النتيجة أيضا من تطورات اليوم. لا يمكن للمرء أن يصبح محلي وقومي ولا يمكنه أن يساهم في الشعب التركي وتركيا مع الحرب ضد الكرد. وهذا النهج يؤدي حتماً إلى نتائج عكسية. إن المناقشات الإقليمية والوطنية والحرب ضد الإرهاب التي تتحدث عنها سلطة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لا علاقة لها بالحقيقة. وهذا كله من أجل الحصول على موافقة المجتمع في الحرب ضد الكرد، وأخيراً السياسات التي تفيد القوى الأجنبية. وهذا يخلق الانطباع بأن جميع المشاكل يمكن حلها من خلال تدمير حزب العمال الكردستاني. هذا هو المكان الذي يتم فيه التشويه الأكبر. الحقيقة عكس ذلك تماماً. حيث ان القضية الكردية لم تبدأ مع حزب العمال الكردستاني. قبل حزب العمال الكردستاني، كانت هناك القضية الكردية. إن حزب العمال الكردستاني ليس هو من خلق القضية الكردية، بل هو نتيجة لها. ولن يتم حل القضية الكردية مع تدمير حزب العمال الكردستاني ولن يتم تدمير الكرد.

إحدى الحقائق التي تخفيها سلطة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وتشوهها بالأكاذيب الإقليمية والقومية والإرهاب هي سوريا وروج آفا. المجتمع التركي ينخدع بالكذبة القائلة بأن الكرد سيشكلون دولة في روج آفا وسيهاجموننا ويدمروننا. وهذا يشكل الأساس لمهاجمة واحتلال والاستيلاء على سوريا وروج آفا. في الواقع، لا يقوم الكرد ببناء دولة في روج آفا، كما أن روج آفا ليست معادية للأتراك. على العكس من ذلك، فإن المكان الأكثر ودية في العالم لشعب تركيا هو روج آفا. في روج آفا، تم إنشاء مكون بعقلية الأمة الديمقراطية، وفي هذه العقلية تعد الأخوة والحياة المشتركة للشعوب أمراً ضرورياً. لذلك فإن العداء للشعب التركي لا يمكن تحقيقه إلا بعداء الشعب الكردي. من الواضح أن دولة الإبادة الحالية التي تنشر هذه الأكاذيب وتضر بالأتراك والكرد لا يمكن أن تمثل الأتراك وشعب تركيا.

الآن اكتملت الذكرى المئوية للجمهورية. عندما يتم تقييم مرحلة القرن الماضي، يتبين بوضوح أن التحول الديمقراطي في تركيا غير ممكن دون حل سياسي ديمقراطي للقضية الكردية. لا يمكن حل المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية لتركيا والمجتمع التركي دون تحقيق الديمقراطية في تركيا. ولا يوجد تقدم متوقع من الجمهورية على صعيد التغيير والتطوير والريادة. لا يمكن تحقيق استقلال الدولة وحرية المجتمع. ولا يمكن استبعاد الدولة من آليات الانقلاب ومن سيطرة منظمات الغلاديو. كل هذا ممكن مع دمقرطة القضية الكردية. لذلك فإن المشكلة الأساسية هي توحيد الجمهورية وتتويجها بالديمقراطية الحقيقية. يمكن للكرد والأتراك العيش مع الشعوب الأخرى في تركيا في الجمهورية الديمقراطية.

لذلك، مع دخول قرن جديد، هناك حاجة إلى إعادة النظر في العلاقات بين الكرد والأتراك وتطوير العلاقة حسب معناها التاريخي. ويتصرف الكرد بمعرفة هذا ويظهرون هذه الإرادة. حيث يرى الكرد أن الحل لمشاكلهم هو في إرساء الديمقراطية في تركيا، وهم يناضلون من أجل ذلك. من المؤكد أن الشعب الكردي يرى الحل هنا، فهو يؤمن به، ولا يبحث عن أي شيء آخر. وهذا أيضاً هو موقفنا لحركة الحرية الكردية. وهذا هو الحل الذي يؤمن به القائد آبو ويدافع عنه. إن تطويرها سيكون مفيداً لكل من الكرد والأتراك وكذلك لشعوب الشرق الأوسط الأخرى وسيعمل على حل المشاكل في الشرق الأوسط. إن العلاقات الكردية التركية الجديدة، المتوجة بالديمقراطية، ستعمل على تعزيز التحالف الديمقراطي وإرادة العيش المشترك بين الشعوب العربية والأرمنية واليهودية والفارسية والتركمانية والسريانية وجميع شعوب الشرق الأوسط الأخرى. وهذا يعني بداية مرحلة جديدة في الشرق الأوسط حيث سيتم حل المشاكل التاريخية. ويجب أن يتطور القرن الثاني للجمهورية على أساس التطور والتحول الذي سيتم على هذا الأساس.

ومن أجل تحقيق هذه المهمة التاريخية، تقع مسؤولية مهمة على عاتق القوى الديمقراطية في تركيا، الحركة الاشتراكية، الجوانب الديمقراطية، المثقفين، الكتاب، الفنانين، وجميع شرائح المجتمع التي تؤيد الديمقراطية والحرية والحركة الديمقراطية الكردية. إننا ندعو الجميع إلى التصرف بهذا الفهم للمسؤولية، لبدء مرحلة نقاش وإعادة بناء من شأنها إعادة النظر في العلاقات الكردية التركية وعلى هذا الأساس سينجح من خلال تنفيذ تحالفات ديمقراطية للشعوب، ونشير اننا كحركة الحرية الكردية سنكون في النضال من أجل هذا”.